ثورة 25 يناير 2022 تعرف عليها

ثورة 25 يناير 2022 تعرف عليها .. هنالك أمل نما في صدور من شاركوا في ثورة 25 كانون الثاني/كانون الثاني من نفس العام، لقد أطاحوا بالرجل الذي ظل جاثما فوق صدروهم 3 عقود، لكنهم أدركوا أن مع الأمل نمت أخطاء تفتقر لمعول ضخم الحجم كي يزيل آثار خطواتهم على طريق ظنوا أنه الصحيح.

وبعد 10 أعوام من الإطاحة بالرئيس الراكب حسني مبارك، تبدو الأخطاء جلية ومحددة النسق أمام الجميع، سقطت فيها كل الأطراف عمدا أو لحداثة المسعى أو لنقاء السريرة، جعلت القلة يجتث أمل التحويل من صدره، وهنالك آخرون فضّلوا العيش في موقف إنكار الخطيئة بل وذهبت فئة إلى إعاة تقدير الثورة نفسها وتحجيمها داخل دائرة الانتفاضة، وأمام ذاك هنالك من اعترف بالسقطات ويتحين الفرصة لاسترداد البناء.

ثورة 25 يناير 2022 تعرف عليها

ثورة 25 يناير 2022 تعرف عليها
ثورة 25 يناير 2022 تعرف عليها

قد تظهر الإجابة عن هذا التساؤل مرشدا إلى غالبية الأخطاء التي وقعت فيها ثورة يناير، فإذا ما حددنا مفهوم التصرف بالتبعية سنفهم الناقص والزائد عليه.

بحسب توثيق للمعهد المصري للدراسات يحمل عنوان “الشعب المصري وتاريخ الثورات” فالثورة تعني التحويل الجذري لجميع البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يقصد تفكيك التكوينات القديمة ثم إرجاع تركيبها بعد إعادة التوازن الضال لعلاقات النفوذ المتبادل بينما بينها، بما يحقق ضمانات تبادل السلطة، وإعادة تجزئة الثروة.

وعلى ذلك، فالثورة لا تعني بحت إطاحة حاكم أو نمط قرار، ما لم تبزغ قوى عصرية حاملة لمبادئ الثورة، لتحل دكان القديمة، وتقوم بعملية إرجاع إنشاء هيكلية من حالها تحري مقاصد الثورة.

وفي ضوء ما جرى في ثورة يناير، لم يأتي ذلك تغيير جذري لأيٍ من المناحي التي ذكرها التقرير البحثي، حيث اعتبر الثوار خطاب تنحي مبارك باعتبار إشعار علني توفيق ثورتهم على الرغم من أنه لا يعتبر سوى رأس الإطار في حين إستمرت الجمهورية العسكرية متبقية تحكم.

أيضاً لم تفكك الثورة التكوينات القديمة على جميع المستويات، وكل ما تم كان متمثل في تحويل شكلي مؤقت تعتبر في فعل انتخابات برلمانية حصدت فيها التيارات الإسلامية الأغلبية، وبعد أشهر ضئيلة تم حل مجلس النواب تحت ذريعة تشريعية، ثم أجريت انتخابات رئاسية انتصر بها الرئيس محمد مرسي، وبعد عام فرد من حكمه جرى انقلاب عسكري أطاح به، وباقي ما جرى معلوم.

يشتغل على ذاك ما ذكره الناشط في السياسة والروائي المصري علاء الأسواني، في مقاله “حتى لا نكرر أخطاء ثورة يناير” الذي شدد فيه أن الثوار أخطؤوا حالَما قبلوا بالحلول الوسط التي أدت في الخاتمة إلى إضعاف ثورتهم وتشويهها، بينما أن الثورة بطبيعتها تحويل جذري يهدم النظام العتيق ليبني نظاما جديدا، حسب ما صرح.

وفي نفس النص عدد الأسواني أخطاء ارتكبها الثوار منها ترك الساحات مبكرا قبل إنجاز مهام الثورة، والاستماع إلى من أسماهم لاعبي الوسط.

ووضح أن هؤلاء اللاعبين مجموعة من الشخصيات العامة متأرجحون طول الوقت في مواقفهم بين مؤازرة الثورة ومعاونة النسق حتى يفوزوا في الخاتمة مع الطرف الفائز، واستطرد “لقد تسلل هؤلاء إلى الصفوف الأولى من ثورة كانون الثاني، وأدى وجودهم إلى مشاكل عارمة صرف سعرها الثوار”.

ومن أخطاء ثوار كانون الثاني -وفق الناشط في السياسة- أنهم قاموا بإلغاء ائتلاف شبيبة الثورة ولم ينتخبوا قيادة لهم، مشددا إلى أن لا نصر لثورة بلا زعامة من الشباب المنتخبين يتحدثون باسمها ويمكن لهم حشد الناس في الشارع إذا تعرضت للخطر.

بجوار ذلك، فلقد تعفف الثوار عن دعوة السلطة فوقعت في أيدي قوى أخرى مضادة للثورة، وأردف الأسواني “إن الزمان الماضي يعلمنا أن الثورة إذا لم تصل إلى السلطة فإنها تنتحر عمليا لأنها لن تصل إلى أهدافها أبدا إلا أن وستتعرض عادةً إلى القمع”.

وأكمل أن أخطاء ثورة كانون الثاني دامت بتقديس عدد محدود من الأفراد واعتبارهم أيقونة، مبينا أن عدد محدود من الأيقونات انقلبوا على الثورة أو انحرفوا عن مبادئها فأصبحت أفعالهم السيئة محسوبة على الثورة، وتابع “حدث أكثر من مرة أن تعلق مصير الثورة بشخص اعتبرناه رمز، فإذا به يتردد ويخشى ويتراجع وقد دفعنا معا ثمن تخاذله”.

الخطايا السبع

وعطفا على ما رآه الأسواني من أخطاء الثورة، لفت تقادم الخطيب المسؤول السالف للاتصال السياسي بالجمعية الوطنية للتنقيح -في مقال تحت عنوان “الخطايا السبع للمعارضة المصرية منذ ثورة يناير”- إلى غفيرة سقطات أخرى للثوار.

ومن ضمن السقطات الهائلة الانتهازية التي اتسمت بها قوى المعارضة باختلاف توجهاتها والهرولة لوراثة نهج مبارك وتجزئة الغنائم في حين بينها، وهو ما استغله المجلس العسكري لتعميق الانقسام السياسي وحرق معركة بين الجميع.

ولفت الخطيب إلى خطأ عدم صوغ مشروع لما حتى الآن مبارك يحس الجميع بالمشاركة فيه، وهو الذي أدى إلى تمركز القوى السياسية بشأن الأيديولوجيا كبديل لهذا المشروع، مما صنع خطيئة أخرى وهي إنعدام وجود كلام يقنع الجماهير.

وعلى هذا صرت المعارضة غير باستطاعتها أن تحديث أسلوب عملها والانتقال من التصرف الاحتجاجي كأساس وحيد لشكل قوى المعارضة، على حسب مشاهدة المسؤول بالجمعية الوطنية للتصحيح، ضاربا مثلا بجماعة الإخوان التي لم تدرك حتى اللحظة أن صيغتها الجارية أصبحت عبئا على البلد والمجتمع في آن واحد، ولا بد أن تحل ذاتها وتتحول إلى حزب سياسي.

وأضاف أن من بين الأخطاء التحالف مع البلد العميقة بهدف محو المتنافس السياسي، فمثلا لعبت جبهة الإنعاش ذلك الدور ببراعة، ولم لديها مشروعا سياسيا سوى الإطاحة بالإخوان.

الإخوان

بإجراء العدد والتاريخ والتأثير ظلت جماعة الإخوان هي الرقم الابرز في معادلة إخفاق مسار الثورة عن الوصول إلى أهدافه، وحتى حاليا وبعد عشرة سنوات مازالت تتلقى سهام الانتقاد من جانب صفوف الثوار وحتى من مؤيدي النسق الانقلابي.

ومع أن شبابا وزعماء من أعضائها شوهدوا بميدان الإعتاق والشوارع المحتجة في اليوم الأكبر للثورة، فإن التنظيم لم يعلن على نحو رسمي المساهمة في المسيرات وهو ما دعا كثيرا من أطياف المقاومة لاتهام الجماعة بعد ذاك بسرقة الثورة.

على الأرجح كان للجماعة حساباتها في عدم الإعلان عن الإسهام في المسيرات التي لم تتضح معالمها عقب، لكن ظل ذلك الظرف لدى باقي الثوار الذين حسموا موقفهم مبكرا من الإسهام وظلوا يعاملون الإخوان كعنصر دخيل سارق لمكتسبات الثورة، مثل حصولهم على الأغلبية البرلمانية عام 2012 ثم وصول مرشحهم (مرسي) إلى سدة الحكم.

لكن ومع تصاعد الوقائع الدرامية للثورة وُضعت الجماعة جنبا إلى جنب مع العسكر في خانة الخيانة، وظهر الشارة الشهير “هم اتنين مالهمش (ليس لهم) طمأنينة.. حكم العسكر والإخوان”.

ومع مرور السنين صارت خطايا الإخوان بديهية كليا حتى لأعضاء التنظيم نفسه، فمثلا كتب القيادي حُسن حشمت مقالا اعترف فيه بعدم وضوح الأوليات وغياب الأجندة الثورية عند الجماعة عقب ترك مجال التحرير، بجانب غير دقيق الدفع بمرشح إخواني لانتخابات الرئاسة.

واعتبر حشمت تساند الإخوان مع حزب النور غير دقيق كبيرا ارتكبته الجماعة، واصفا إياهم بالمدعومين من الخارج والانتهازيين، أيضاً رأى أن سياسة الحشد للاستجابة إلى المناوئين مثلت خطورة هائلة.

ومن الأخطاء ايضاً التي ذكرها القيادي الإخواني تداول معظم قواعد التنظيم عقب الثورة بمثابة جماعتهم بديلا للحزب الوطني من حيث السلطة والنفوذ.

ومراجعة الإخوان لأخطائهم لم تحدث بشكل فردي، ففي عام 2017 أصدر المكتب العام للجماعة إشعارا يعترف فيه بارتكاب أخطاء طوال الثورة وبعدها، بل ذاك المكتب يمثل فقط جناحا ثوريا في نطاق الجماعة، ولا يعبر عن وجهة نظر الريادة التاريخية المسيطرة على الجماعة.

ومما ذكره البيان من أخطاء: المجهود على قضايا مرحلية بآليات المقاومة السياسية دون الاتفاق على ترتيب أولويات الثورة، فضلا عن عدم الإستعداد السياسية من جانبهم، وهو العيب الذي اشتركت فيه الجماعة مع بقية الثوار.

ومن أبرز أخطاء الإخوان -على حسب البيان- تدهور التصورات الفكرية إزاء الثورة، فرغم أن هذه التصورات كانت موجودة في بال الإخوان العريق، لكنها استبعدت حتى الآن المؤسس حسن البنا، حيث سار التنظيم على ذلك طوال مدة حكم مبارك حيث انتهج آلية اصلاحية حصرية لتلافي الصراع مع النظام.

ايضاً تقديم التنظيميين على حساب نمازج ثورية مبهرة مخافة حيدهم عن نهج الجماعة، وهو ما أفضى إلى فقدان منطقة هائلة كانت هذه النمازج قد اكتسبتها ضِمن المجال، وبالتوازي مع هذا الخطأ كان عدم تواجد الحذر لخطورة انفراد العسكر بوضع الأساسيات والأطر الحاكمة للمرحلة الانتقالية.

Scroll to Top